يصادف الحادي عشر من تموز من كل عام الاحتفال باليوم العالمي للسكان والذي يحمل في كل سنة شعاراً محدداً، بهدف تركيز الاهتمام على القضايا السكانية لاسيما في سياق خطط التنمية الشاملة وبرامجها، بدأ لاحتفال باليوم العالمي للسكان بتاريخ 11/7 عام 1987 وهو تاريخ بلوغ عدد سكان العالم خمسة بلايين نسمة، حيث اوصت حينها، الجمعية العامة للأمم المتحدة بالاحتفال بيوم 11 تموز سنوياً باعتباره اليوم العالمي للسكان.
يأتي الاحتفال لهذا العام تحت شعار " تنظيم الاسرة حق من حقوق الانسان " وقد اختير هذا الموضوع ضمن إطار الاحتفال بمرور خمسون عاما على انعقاد المؤتمر الدولي لحقوق الانسان عام 1968 حيث تم حينها اعتبار تنظيم الاسرة حق من حقوق الانسان. كما نص الهدف الثالث من اهداف التنمية المستدامة 2030 على "ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار " وتحديدا تضمنت الغاية السابعة من هذا الهدف" ضمان حصول الجميع على خدمات رعاية الصحة الجنسية والإنجابية، بما في ذلك خدمات ومعلومات تنظيم الأسرة والتوعية الخاصة به، وإدماج الصحة الإنجابية في الاستراتيجيات والبرامج الوطنية بحلول عام 2030."
على مستوى الأردن ، فقد حقق الاردن انجازات في مجال تحسين صحة الام وتعزيز برامج وخدمات الصحة الإنجابية المقدمة من كافة الجهات المعنية الحكومية وغير الحكومية والقطاع الخاص، وقد انعكس ذلك في تحسن المؤشرات الصحية منها انخفاض معدلات وفيات الأطفال الرضع ووفيات حديثي الولادة ووفيات الأمهات ، لقد كان للإنجاب الدور الأكبر في التغير السكاني في الأردن نتيجة للانخفاض المتواصل الذي شهده معدل الإنجاب الكلي بين الاردنيات خلال الفترة الزمنية (1976-2015)، إذ انخفض المعدل من (7.4) طفل للمرأة في عام (1976) إلى (5.6) طفل للمرأة في عام (1990) وإلى (3.7) طفل للمرأة في عامي (2002) و(2007) وإلى (3.5) طفل للمرأة في عام (2012) وإلى (3.38) طفل للمرأة في عام (2015).
ويعزى السبب في الانخفاض الملموس في معدل الإنجاب الكلي في الأردن إلى ارتفاع المستوى التعليمي للإناث، وزيادة نسبة مشاركتهن في النشاط الاقتصادي، إضافة إلى ارتفاع متوسط العمر وقت الزواج الأول، ، وإلى تزايد استخدام وسائل تنظيم الأسرة، إذ ارتفعت نسبة السيدات المتزوجات حاليا اللاتي يستعملن وسائل تنظيم الأسرة من (40 %) في عام 1990 إلى (56 %) في عام (2002) وإلى (59%) في عام (2009) وإلى (61 %) في عام (2012). وستلقي نتائج مسح السكان والصحة الاسرية لعام 2017 الجاري اعداده حاليا من قبل دائرة الإحصاءات العامة الضوء على الاتجاهات حتى تاريخه .
ولكن على الرغم من انخفاض معدلات الانجاب في الاردن خلال السنوات الماضية الا ان الحاجة غير الملباة لخدمات تنظيم الاسرة لا تزال مرتفعة ، الى جانب قصر فترة المباعدة ما بين المواليد ، و ربع المواليد غير مخطط لهم من قبل الزوجين.
إن الوصول إلى الأهداف المرجوة يتطلب بذل مزيد من الجهود ، لا سيما التي تتعلق بالمناطق الأقل حظاً، وتكثيف الجهود لتوفير خدمات ومعلومات تنظيم الاسرة ذات الجودة العالية ، والتركيز على الفئة السكانية التي لديها نسبة أكبر من الحاجات غير الملباة، بتعاون ومشاركة القطاع الصحي العام والخاص والجهات الاخرى ذات العلاقة لتعزيز خدمات تنظيم اسرة امنة ذات فاعلية وجودة وسهلة الوصول من خلال :
وفي هذا الاطار وانطلاقا من أهمية برنامج وخدمات الصحة الإنجابية في الأردن يعمل المجلس الأعلى للسكان على تنسيق الجهود المبذولة في مجال الصحة الإنجابية / تنظيم الاسرة بتنفيذ العديد من المبادرات بالتنسيق مع الشركاء منها : متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية / تنظيم الاسرة للأعوام 2013-2018 ، والتي يجري حاليا تقييمها لغايات تحديثها للأعوام" 2019-2023 "و اعداد خطة العمل الوطنية لمناهضة ظاهرة زواج من هم دون سن الثامنة عشر ، و اعداد ورقة موقف الأردن من تقديم خدمات الصحة الإنجابية للأشخاص ذوي الإعاقة ، وورقة موقف الأردن من الإجهاض ، ومبادرة تعزيز برامج الصحة الجنسية والانجابية الصديقة للشباب ، الى جانب تنفيذ مشروع منصة المعرفة لأبحاث الصحة الإنجابية.