في لقاء موسع عُقد اليوم الإثنين بمشاركة عدد كبير من ممثلي الجهات الوطنية الحكومية المعنية والمنظمات غير الحكومية والدولية ووكالات الأمم المتحدة والمجتمع المدني والأكاديمي، أطلق برنامج النوع الاجتماعي والمراهقة: دليل عالمي GAGE بالتعاون مع المجلس الأعلى للسكان وشير نت الأردن ورقتي سياسات، كانت الورقة الأولى حول "تناول ثقافة الصمت من أجل تحسين الصحة الإنجابية والجنسية لليافعات واليافعين في الأردن" بينما تناولت الورقة الثانية "معلومات وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية: الفرص والتحديات أمام صحة الشباب الأقل حظاً في الأردن".
وهدفت الورقتان إلى المساهمة في توفير الأدلة العلمية للجهات الفاعلة في مجال السياسات والبرامج لتعزيز التخطيط لتنفيذ البرامج التي من شأنها أن تسهم في حصول جميع اليافعين والشباب في الأردن على معلومات وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية الموثوقة، وتسليط الضوء على التحديات الماثلة أمام اليافعين واليافعات في المجتمعات الأقل حظاً في الأردن، وتسهيل النقاش حول كيفية معالجة المعيقات الرئيسية أمام حماية الصحة الجنسية والإنجابية لليافعين والشباب وسبل استجابة السياسات والبرامج لهذه التحديات.
وبرنامج المراهقة والنوع الاجتماعي: دليل عالمي، هو دراسة طولية متعددة المراحل مدعومة من وزارة الخارجية والكومونولث للتنمية في المملكة المتحدة، تم تنفيذها على عينة كبيرة ومتنوعة حجمها 3000 يافعاً ويافعةً من الفئات المختلفة في محافظات عمان واربد وجرش والمفرق والزرقاء. وتتكون هذه العينة من اليافعين واليافعات من المجتمعات الأردنية النائية والأقل حظاً بما فيهم اللاجئين. وركزت الدراسة على الرفاة الشامل لليافعين واليافعات، بما في ذلك الوصول للمعلومات الخاصة بالصحة الجنسية والإنجابية، إلى جانب الخدمات الأخرى.
وجدت الدراسة أن الفتيات والشابات كان لديهن مصدر معلومات حول سن البلوغ أكثر من الفتيان والشباب (93% مقابل 72%)، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى أن الأمهات (43%) - وليس الآباء (9%) – يتحدثون مع أطفالهم حول تغييرات البلوغ. ومع ذلك، وجدت الدراسة أن الدورة الشهرية تؤثر على الأنشطة اليومية لأكثر من النصف (56٪) الفتيات والشابات. ووجدت أيضاً أن أكثر من نصفهن يشعرن بالحرج (39%) أو الخوف (14%) من مطالبة أفراد الأسرة بشراء مستلزمات للدورة الشهرية نيابة عنهن. وأفاد نحو ثلاثة أخماس (57٪) من الفتيات المراهقات أن مدارسهن بها مرافق مناسبة لإدارة الدورة الشهرية؛ فيما أشارت بقية الفتيات إلى وجود عدد قليل جداً من المرافق الصحية وصناديق التخلص من النفايات، وعدم توفر الخصوصية الكافية، وقلة توفر المياه. وأفادت الفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة بأنهن الأقل قدرة على الوصول إلى المرافق المدرسية (44%)، وذلك في بعض الأحيان بسبب عدم توفر المرافق الصحية المهيأة لذوي الاحتياجات الخاصة وأحيانا بسبب عدم توفر مساعدي التدريس الذين يمكنهم مساعدتهن.
ووجدت الدراسة أيضاً أن أكثر من أربعة أخماس (81%) الزوجات الشابات في العينة قد بدأن بالفعل في الإنجاب، وأن معدلات الأمومة بين الفتيات المتزوجات في مرحلة الطفولة كانت أعلى (89%). وكانت المواقف المتعلقة بعنف الزوج بين الشباب في الدراسة مثيرة للقلق أيضاَ: ثلاثة أرباع (75٪) الشباب يوافقون على أن الزوجات مدينات لأزواجهن بالطاعة الكاملة، وكان احتمال موافقة الفتيان والشبان على هذا الرأي (86٪) أعلى من موافقة الفتيات والشابات (66%).
واستعرض الأمين العام للمجلس الأعلى للسكان الأستاذ الدكتور عيسى المصاروه في الجلسة الافتتاحية للقاء الجهود الوطنية التي يبذلها المجلس بالتعاون مع الشركاء في تهيئة بيئة سياسات وبرامج مواتية لدعم وتقوية عناصر الحماية لليافعين من الجنسين، وتقليص الأخطار التي يتعرض لها اليافعون والشباب، وبما يساهم في الارتقاء بالخصائص السكانية. ويتطلب ذلك أن تصبح التربية الصحية الشاملة جزءاً من المناهج المدرسية النظامية التي يقدّمها معلمون مدرّبون ومدعومون على نحو جيد، إذ يبقى المعلمون مصدراً موثوقاً به للمعارف والمهارات في جميع النظم التعليمية، كما يشكلون عنصراً يحظى بتقدير كبير في الأسرة والمجتمع الأردني. إن بإمكان التربية الصحية الشاملة لمواضيع الصحة الإنجابية والجنسية في مرحلة البلوغ والمراهقة والشباب، أن تزود الشباب بمعلومات دقيقة علمياً ومناسبة لفئتهم العمرية وسياقنا الثقافي والديني، وأكد الأمين العام أيضاً على أهمية تعزيز دور الوالدين والأسرة في التربية الجنسية، من خلال تمكين الوالدين بالمعلومات الصحيحة الدقيقة المتعلقة بصحة أبنائهم اليافعين واليافعات وتعزيز الحوار ما بين الوالدين وابنائهم.
ومن جانبها سلَطت مديرة برنامج النوع الاجتماعي والمراهقة: دليل عالمي GAGE الدكتورة نيكولا جونز الضوء على أن هناك حاجة ماسة إلى برامج مجتمعية تكميلية للمهارات الحياتية لتغيير المعايير المرتبطة بالنوع الاجتماعي وتلبية احتياجات اليافعين للمعلومات عن الصحة الجنسية والإنجابية، وكذلك الحال بالنسبة للآباء والأمهات من أجل تعزيز التواصل بين الوالدين واليافعين بشأن هذه القضايا الحياتية الهامة، وإسهام نتائج هذا اللقاء في تسليط الضوء على الفجوات التي يواجهها اليافعين واليافعات في المجتمعات الأقل حظاً في الأردن، وتسهيل المناقشة حول كيفية معالجة المحددات الرئيسة للصحة الجنسية والإنجابية لليافعين والشباب، ومناقشة استجابة السياسات والبرامج لهذه التحديات. مع تحديد الأولويات المستندة على النتائج والأدلة لصانعي السياسات ومصممي البرامج للنهوض بتعزيز توفير المعلومات والخدمات المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية لليافعين وللشباب، بما في ذلك المجتمعات الأكثر تهميشاً.
وعليه، يأتي هذا اللقاء، الذي يجمع الشركاء من الحكومة والمنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة والمجتمع الأكاديمي والمدني، من أجل مناقشة تأثيرات نتائج الدراسات على السياسات والبرامج في الأردن، لا سيما فيما يتعلق بالتزامات الأردن نحو أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 وكذلك أهداف الاستراتيجيات الوطنية للسكان2021-2030 والصحة الإنجابية والجنسية 2020-2030.