شركاء في صناعة المستقبل
اليوم العالمي للإحصاءات - المجلس الأعلى للسكان: المعلومات الرقمية ركيزة أساسية لرسم السياسات والبرامج والخدمات وتنفيذها وتقييمها
اليوم العالمي للإحصاءات - المجلس الأعلى للسكان: المعلومات الرقمية ركيزة أساسية لرسم السياسات والبرامج والخدمات وتنفيذها وتقييمها
الاثنين, 20 تشرين الأول 2025

يُحيي الأردن مع دول العالم هذا اليوم كل خمس سنوات، وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويتزامن إحياء هذا اليوم في هذا العام مع الذكرى الثمانين لإنشاء هيئة الأمم المتحدة، والتي نشأ عنها منظمات تُعنى بالأمور الإحصائية ومنها اللجنة الإحصائية الدولية وشعبة السكان. ويأتي اليوم العالمي للإحصاء هذا العام تحت شعار "إحصاءات دقيقة وبيانات موثوقة تدفع التغيير وتصنع مستقبلاً أفضل للجميع"، من أجل إبراز أهمية البيانات ودورها في إتخاذ قرارات مستنيرة من قِبل جميع الجهات الوطنية المعنية.

تُعد الإحصاءات الدقيقة الأساس الذي تُبنى عليه السياسات العامة والخطط الإجرائية، فهي تمكن الحكومات والمؤسسات المختلفة من تقييم الواقع السكاني والخدمي والانتقال إلى العمل للإستجابة لإحتياجات المستقبل، وتحقيق تنمية مستدامة.

إن المجلس الأعلى للسكان ليس جهة منتجة للبيانات بل يستند إليها في عمله، ولذلك يسعى بكل ما لديه من قدرات فنية إلى القيام بدور فاعل في النظام الإحصائي الوطني الذي تقوده دائرة الإحصاءات العامة، ويدرك المجلس أن عليه أن يسهم في تجويد البيانات التي تتولد بصورة مستمرة في الوزارات والدوائر التي لديها سجلات إدارية توفر معلومات رقمية لا غناً عنها عن السكان الأردنيين وغير الأردنيين، ولذلك عمل المجلس وما زال يعمل مع دائرة الاحصاءات العامة ووزارة الصحة ودائرة قاضي القضاة ودائرة الأحوال المدنية والجوازات وإدارة الإقامة والحدود ووزارة الإقتصاد الرقمي والريادة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، من أجل تجويد المنتجات الإحصائية التي تخرج من السجلات الإدارية لهذه الجهات الوطنية، بالسعي لرفع درجة اكتمالها ودرجة تفصيلها وفق ما تدعو إليه التوصيات الدولية وعلى رأسها المبادئ الأساسية للإحصاءات الرسمية، ولكي تصبح البيانات مستجيبة لاحتياجات كافة الجهات التي تحتاج إليها.

وتُعد الإحصاءات الدقيقة والموثوقة حجر الأساس لقياس مؤشرات أداء أهداف وغايات التنمية المستدامة 2030 ومستهدفاتها، إذ تمكن صانعي القرار من رصد التقدم في مختلف القطاعات وتحديد الفجوات والتحديات القائمة، ووضع السياسات المستندة إلى الأدلة. ويسهم النظام الإحصائي الوطني في الأردن بدور فاعل في دعم تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي 2033، من خلال توفير بيانات حديثة تغطي الجوانب السكانية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وشهد الأردن خلال السنوات الماضية تطوراً ملحوظاً في مجال العمل الإحصائي على المستوى الوطني الرسمي، من خلال الجهود المستمرة لرفع القدرات الوطنية في جمع البيانات وتحليها ونشرها، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة وتطوير المنصات الإلكترونية التي تتيح الوصول إلى المعلومات بسهولة وشفافية، وإنشاء برامج أكاديمية في علم البيانات في الجامعات. وقد تم مؤخراً إصدار مجموعة من التشريعات ذات العلاقة ومنها صدور قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، وتحديث قانون الإحصاءات العامة وقانون حماية البيانات الشخصية، وتحديث الإستراتيجية الوطنية للإحصاء وإنشاء المركز الوطني للمعلومات في دائرة الإحصاءات العامة التي تقوم بالاستعداد لتنفيذ تعداد عام جديد للسكان والمساكن. ولا يفوتنا هنا أن ننوه إلى أن الأردن يحتل مكانة مرموقة دولياً في مجال توفر البيانات وجودتها.

وفي هذا اليوم، يوصي المجلس الأعلى للسكان بمواصلة الجهود لتعزيز الثقافة الإحصائية وثقة الأفراد في الرقم الإحصائي بين مختلف فئات المجتمع، من طلبة وباحثين وإعلاميين وصنّاع قرار، والدعوة لزيادة المساندة والتعاون في الإدلاء بالبيانات الصحيحة التي يتم الحصول عليها لغايات وطنية غير شخصية خدمةً لعملية إتخاذ القرارات السليمة. فلم يعد الإحصاء مجرد أداة فنية، بل هو لغة عالمية لفهم التحولات المجتمعية والاقتصادية، ومؤشر على تطور الدول ومتانة مؤسساتها. وينبغي هنا أيضاً التأكيد على أهمية تشجيع التعاون والتنسيق بين المؤسسات الوطنية والدولية لتبادل الخبرات والمعارف الإحصائية، وبناء نظام معلومات متكامل يدعم التنمية ويخدم المصالح الوطنية في مختلف المجالات، والاستثمار في التحول الرقمي الإحصائي عبر استخدام الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، وبناء القدرات في مجال استخدام التقنيات الحديثة لتحسين كفاءة جمع وتحليل البيانات، واطلاق مبادرات إقليمية لتبادل البيانات والخبرات بين الدول، وتقوية الشراكات مع القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية لتطوير حلول مبتكرة في مجال تحليل البيانات.