اوصى التقرير التحليلي للوضع القائم لبيانات الهجرة في الأردن الذي اعلنت نتائجه اليوم الاثنين باستحداث نظام لضبط تلك البيانات والربط الالكتروني للمؤسسات المعنية بالهجرة وتفعيل القوانين والتشريعات الناظمة وتوحيد الجهود الوطنية لربط الهجرة بالتنمية.
واكد التقرير الذي اطلقه المجلس الاعلى للسكان بدعم من صندوق الامم المتحدة للسكان ضرورة تبني عدد من التوصيات العامة التي من شأنها العمل على تحسين جودة البيانات وتبادل المعلومات والتعاون على المستويات المحلية والعربية والدولية بعدما اظهر التقرير الحاجة الى التعاون بين الدوائر والمؤسسات الحكومية وإنشاء مرجعية موحدة لتقليص الفجوة في التقديرات بين الجهات المختلفة للحصول على بيانات اكثر دقة وموثوقية.
واوصى التقرير بضرورة الربط الإلكتروني بين المؤسسات المعنية بالهجرة وتدريب كوادر بشرية للعمل لدى هذه المؤسسات المعنية واعتماد التقنيات الجديدة وتوفير الأجهزة الحديثة لرصد حركة المهاجرين في المنافذ الحدودية للمملكة ومنها بصمة العين أو جواز السفر المقروء آلياً.
واكدت توصيات التقرير أهمية اعتماد الرقم الشخصي لغير الأردنيين المقترح من قبل وزارة الداخلية لكافة المعاملات الشخصية وتثبيته على وثيقة جوازات السفر وتوسيع الربط الإلكتروني على الشبكة الحكومية الآمنة والاطلاع على تجارب الدول المتقدمة في مجال إدارة شؤون الهجرة ومعالجة البيانات المتعلقة بها مع تكثيف الاتصالات والتنسيق مع المنظمات الدولية المتخصصة بالهجرة وتبني توصيات الأمم المتحدة بشأن إحصاءات التدفقات الدولية للمهاجرين.
واوصى التقرير برصد التقارير الوطنية المتعلقة بقضايا الهجرة ومقارنتها مع التقارير الدولية الصادرة وفق المعايير الدولية وتفعيل القوانين والتشريعات المتعلقة بقانون الإقامة لغير الأردنيين وإجراء تعديلات في بعض التشريعات القائمة أو إصدار تشريعات جديدة (إن لزم الأمر) لحصر أعدادهم والتعرف على خصائصهم.
وكشفت نتائج التقرير عن اختلاف طبيعة البيانات التي تتطلبها النماذج المستخدمة من قبل المؤسسات المعنية بالهجرة، الأمر الذي يشكل صعوبة في تحديد بيانات الهجرة، وشمولها وعدم تداخل مفرداتها بين المصادر المختلفة.
واظهرت النتائج ضعف التنسيق بين الجهات المعنية بتنظيم وإدارة شؤون الهجرة، الأمر الذي يوفر دافعاً لدى العمالة الوافدة للهجرة غير الشرعية مستغلة بذلك سهولة الانتقال من البلدان المجاورة إلى المملكة، وضعف الإجراءات المتخذة بحق المخالفين، اذ أصبح هذا النوع من المهاجرين يشكل عائقاً أمام السياسات والخطط لتنظيم أسواق العمل وتنظيم تدفق هذه العمالة.
كما اظهر التقرير وجود نقاط قوة وفرص متاحة أمام تحسين بيانات الهجرة إلى جانب وجود تحديات ومعيقات تواجه الجهات المعنية، منها صعوبة تجميع البيانات الخاصة بالهجرة وتحليلها ومطابقة مؤشراتها مع المؤشرات والمعايير الدولية، واختلاف الأنظمة الإلكترونية، وصعوبة تبادل المعلومات بين الأجهزة المختلفة في الأردن، ومع تلك الدول التي تستقبل المهاجرين الأردنيين.
ويعد تقرير تحليل واقع بيانات الهجرة في الأردن عملاً نوعياً لتشخيص واقع ظاهرة لها ارتباط مباشر مع كثير من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبتفاصيل الحياة اليومية للمواطنين، حيث يلجأ الناس إلى هجرة مكان إقامتهم داخلياً من مكان إلى آخر داخل حدود دولتهم، أو خارجياً بالهجرة إلى دولة أخرى بهدف تحسين مستوى حياة أُسرهم.
ويقدم التقرير عرضاً لجهود الوزارات والمؤسسات الرسمية المعنية بالهجرة والمتمثلة بآلية حصر أعداد المهاجرين وبيان خصائصهم، ونظم المعلومات المتبعة في كل من هذه الدوائر والمؤسسات، ويستعرض نقاط القوة والضعف والتحديات والفرص وتقديم التوصيات الخاصة بتطوير آلية لرصد بيانات الهجرة في الأردن ودور المؤسسات المعنية وآلية التنسيق بينها، كما يعرض التقرير سبل تفعيل دور كافة الجهات لتحسين بيانات الهجرة.
ويهدف التقرير إلى وصف واقع بيانات الهجرة الداخلية والخارجية في الأردن، وتبيان مصادرها وتحديد أسباب تباين الأرقام والاحصاءات المتعلقة بها واقتراح آلية مناسبة لتعديل الأساليب التي تستخدمها الجهات المعنية في إحصاء الهجرة بما يفضي إلى قياس تيارات الهجرة من المملكة وإليها بشكل دقيق.
وقال أمين عام وزارة العمل حمادة أبو نجمة مندوب رئيس اللجنة التنفيذية للمجلس الاعلى للسكان وزير العمل الدكتور نضال القطامين خلال حفل اطلاق التقرير ان "علينا العمل وفقاً لمفهوم تشاركي وتأسيس نهج حقيقي لبناء مناخ صحي في المؤسسات الوطنية، قائم على المعلومة الدقيقة، والبيانات العلمية الشاملة والوافية، والرصد الفعال لمفردات الهجرة، على صعيدي الأفراد والمعلومات".
واكد اهمية إجراء دراسات عملية في هذا الجانب، توضح بشفافية وحرص وموضوعية، كل ما يتعلق بالهجرة سواء الداخلية أو خارجية، لبناء سياسات واستراتيجيات، قادرة على التوجيه إلى مناطق عمل لا تخل بالتطلعات الوطنية في تحقيق التنمية.
وثمن أبو نجمة ما توصل إليه التقرير من ضرورة تمتين التنسيق بين الجهات المعنية بتنظيم وإدارة شؤون الهجرة، وتحسين بياناتها، ووضع حلول للمعوقات والتحديات التي تواجهها، ومطابقة مؤشراتها مع المؤشرات والمعايير الدولية، اضافة الى ما توصل اليه من توحيد للجهود الوطنية لربط الهجرة بالتنمية، وإرساء السياسات والاستراتيجيات والخطط المتعلقة بها، ونشر الوعي وكسب التأييد لها على المستوى الوطني، وتشكيل لجنة وطنية فنية تضم الشركاء الوطنيين كافة، لمعالجة وتحسين بيانات الهجرة، للوقوف على الواقع الراهن لهذه البيانات، وتطوير آلية لرصد هذه الظاهرة.
وبينت أمين عام المجلس الاعلى للسكان الدكتورة رائده القطب أن الهجرة الداخلية والخارجية، تعد أحد العوامل المؤثرة في عدد السكان وتركيبته.
وقالت ان الاستراتيجيات والسياسات الخاصة بالسكان والتنمية تعتمد على مدى توفّر البيانات والمعلومات الدقيقة الموثوقة في الوقت المناسب، وخاصة تلك المتعلقة بأعداد وخصائص السكان الذين يعيشون على الاراضي الأردنية من أجل التخطيط السليم للمتطلبات التنموية للتغير السكاني الناجم عن حركة غير الأردنيين إلى المملكة وحركة الأردنيين داخل وخارج الأردن.
وأوضحت القطب أن إعداد وإطلاق نتائج هذا التقرير يأتي انطلاقاً من دور المجلس الأعلى للسكان في التنسيق مع الشركاء والمعنيين بقضايا السكان والتنمية لوضع الاستراتيجيات والسياسات وخطط العمل المتعلقة بها، والعمل على كسب التأييد لها على المستوى الوطني من خلال توفير المعلومات والبيانات الدقيقة لصانعي السياسات ومتخذي القرار حول بيانات الهجرة، للوقوف على الواقع الراهن لتلك البيانات.
واكدت اهمية التقرير لتطوير آلية لرصد المهاجرين من وإلى المملكة بالتنسيق مع جميع الشركاء الوطنيين والجهات ذات العلاقة، نظراً لأهمية تأثير عنصر الهجرة على حجم وتركيبة السكان، وبالتالي على معدلات النمو الاقتصادي والمستوى المعيشي بأبعاده المختلفة. وشددت القطب على ان التحدي الأهم في هذا الوقت يكمن في كون الاردن بلداً مستقبلاً للهجرات الطوعية وهجرات العمالة، مشيرة الى استقباله منذ ما يزيد على ستين عاماً وحتى الآن موجات من الهجرات القسرية كان لها أثر بالغ عليه ديموغرافياً واقتصادياً، وآخرها هجرة الأشقاء السوريين والتي بدأت منذ أكثر من عام.
من جهتها، قالت مندوبة الممثلة المساعدة لصندوق الأمم المتحدة للسكان ليالي أبو سير ان التطورات التي يشهدها العالم سواء أكانت اقتصادية أم تكنولوجية أم سياسية أم مناخية تؤكد أن السبعة بلايين نسمة على هذه الأرض سيكونون في حال تنقل لم نشهدها من قبل، ولا يمكن لأي دولة في العالم أن تتجاهلها في سياساتها التنموية".
واوضحت ان الوقوف على واقع بيانات الهجرة وآليات تحسينها يصبح مطلباً تنموياً ذا أهمية قصوى وخاصة في بلد مثل الأردن وفي ظل التطورات التي شهدها ويشهدها.