شركاء في صناعة المستقبل
الأردن يحقق الهدف الخامس للألفية الإنمائية وينجح بتخفيض وفيات الأمهات
الأردن يحقق الهدف الخامس للألفية الإنمائية وينجح بتخفيض وفيات الأمهات
الخميس, 7 تشرين الأول 2010

 

 

 
 شارك الأردن دول العالم بتبني الأهداف الإنمائية للألفية خلال القمة الألفية التي عقدت عام 2000 ، والتي التزم المجتمع الدولي خلالها بتخفيض مُعدَّل وفيّات الأمَّهات بمقدار ثلاثة أرباع ما بين الأعوام 1990- 2015.
ولقناعة الأردن التامة بتأثير تلك الأهداف من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على حياة المواطن ، فقد عمل على دمجها في الخطط والبرامج التنموية الوطنية ، الأمر الذي ساهم في تحقيقه إنجازات كثيرة في مجال السكان والتنمية وخاصة فيما يتعلق بتحقيق أهداف الصحة الإنجابية التي نادت بها تلك الأهداف .
ولأنالطريق لتحقيق رفاه الأسرة يبدأ من التركيز على تحسين الصحة الإنجابية للمرأة التي تعتبر إحدى محركات عملية التنمية وبهدف توفير البيانات الحديثة لصانعي السياسات ومتخذي القرارات على مستوى وطني فقد قام المجلس الأعلى للسكان بتنفيذ الدراسة الوطنية لوفيات الأمهات في الأردن (2007-2008) بالتعاون مع فريق بحثي متخصص بهدف تقدير معدل وفيات الأمهات والتعرف على أسبابها المباشرة وغير المباشرة ، إضافة إلى تحديد مدى إمكانية الوقاية منها وتقييم مدى ملائمة واكتمال سجلات المستشفيات الطبية والسجلات الحيوية .
وأظهرت نتائج الدراسة أن الأردن قد تجاوز جميع التوقعات، وحقق الهدف الذي وضعه لنفسه، وذلك قبل سبع سنوات من الوقت المحدد، فقد انخفض مُعدَّل وفيّات الأمَّهات في الأردن إلى 19.1 لكل 100.000 مولود حيّ مبيِّنا اتجاهاً تنازلياً ملحوظاً، مما يؤكد ليس فقط على نجاح الأردن في تنفيذ أولويات الأهداف الإنمائية الألفية، وإنما يوفّر مبرِّرات ملموسة للاستثمار الكبير في مجالات الأمومة الذي قُدِّم من الحكومة والقطاعات الأخرى الداعمة خلال العقد الماضي .. ويعد هذا الانخفاض ذو دلالة مهمّة للأردن فخفض معدلات وفيات الأمهات يجعله في مقدّمة الدول التي حققت الانخفاض عالمياً الأمر الذي يدل على تحسّن وتطور مستوى الخدمات الصحيّة ووجود رعاية نفاسيّة ذات مستوى عال.
ويعتبر تحسن مؤشرات الصحة الإنجابية في الأردن سبباً رئيسياً في خفض معدلات وفيات الأمهات ، وتظهر ملامح هذا التحسن واضحة عن طريق تحسن توفر وجودة وكفاءة الخدمات الصحية المقدمة من خلالزيادة التغطية الجغرافية للخدمات الصحية بما فيها المناطق النائية وزيادة عدد المراكز الصحية خلال الفترة ما بين الأعوام 1996 و2009 ، حيث يتم تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية من خلال مراكز الرعاية الصحية التابعة لوزارة الصحة إلى جانب العيادات التابعة للخدمات الطبية الملكية، والجمعية الأردنية لتنظيم وحماية الأسرة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين والقطاع الخاص.
كما ساهمت في خفض معدلات وفيات الأمهات زيادة عدد الكوادر البشرية في المديريات والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة إلى جانب زيادة عدد الكوادر الصحية المدربة والمتخصصة والتي تغطي أقسام النسائية والتوليد ، إضافة إلى توفر الأدلة الإرشادية والبروتوكولات للتعامل مع السيدات الحوامل وبروتوكولات زيارة النفاس وتدريب الكوادر عليها وتطبيقها ، والتي تم تطويرها من قبل وزارة الصحة عام 2004 بدعم من الجهات المانحة وتحديثها عام 2006.
ويعد ارتفاع نسبة الولادات تحت إشراف طبي وانخفاض عدد الولادات البيتية نتيجة لتوفر المرافق الصحية احد العوامل التي ساعدت في انخفاض معدل وفيات الأمهات ، إضافة إلى ارتفاع مستوى الرعاية خلال فترة الحمل وخدمات الرعاية ما بعد الولادة ، وفعالية برامج تنظيم الأسرة التي ساهمت في المباعدة بين الأحمال وتجنب الحمل المتكرر المتقارب .
كما يعد تنفيذ المداخلات المجتمعية المتعلقة بصحة الأم أحد العوامل المؤثرة في خفض معدل الوفيات وذلك من خلال برامج تدريب الوعاظ والواعظات حول صحة الأسرة ، وبرامج التوعية المجتمعية والحملات الوطنية والإعلامية المنفذة والتي كان لها دور في زيادة وعي الأمهات بأهمية المباعدة بين الأحمال وأهمية الزيارة خلال فترة الحمل وفترة النفاس والاهتمام بالتغذية والنظافة الشخصية.
 ويعزا ذلك الانخفاض كذلك نتيجة لارتفاع المستوى التعليمي للإناث وانخفاض نسبة الأمية بينهن وكذلك انخفاض معدلات الزواج المبكر وبالتالي انخفاض نسبة المراهقات الأمهات ( الفتيات في الفئة العمرية 15-19 سنة المتزوجات وأنجبن مولودهن الأول )، فضلا عن تمكين المرأة عن طريق زيادة مشاركتها الاقتصادية وتمكينها قانونيا بحقوقها الإنجابية .
وللمحافظة على الاتجاه التنازلي لمُعدَّل وفيّات الأمَّهات ولضمان تحسين صحة الأمهات لتحقيق الأهداف الوطنية، ينبغي العمل على إعداد سياسة وطنية لصحة الأم تضع أولويات للمداخلات اللازمة للوصول إلى المجموعات السكانية ذات الاحتياجات وتجميع عناصر صحة الأم في وثيقة سياسات واحدة ، وكذلك تَبنِّي وتشجيع تنفيذ الإستراتيجيات وخطط العمل المتعلقة بالحمل الآمن من خلال وضع آلِيّات ملائمة للمتابعة لضمان التنفيذ الفعّال للخطط الوطنية ، إضافة إلى تطوير أنظمة التبليغ والتسجيل ، وتطوير أنظمة رصد وطنية لتحديد الأنماط الوبائية واتجاهات مراضة ووفيّات الأمَّهات ، فضلاً عن إدخال الأدلَّة الإرشادية المتعلِّقة بصحة الأم في المناهج الرسميّة لكليات الطب والمهن الطبية المساعدة .
وبالرغم من الانجازات المتحققة يبقى هناك الكثير من التحديات التي تلقي بظلالها على التقدم الحاصل في مؤشرات الصحة الإنجابية أبرزها ارتفاع معدلات النمو السكاني ومعدلات الإنجاب، والتي يمكن تلافيها إذا ما نفذت الإستراتيجية الوطنية للسكان بعناية والتي سيكون لها آثاراً ايجابية على مؤشرات الصحة الإنجابية على المستوى الوطني.
إن تحقيق كل ما ذكر يتطلب تكاتف الجهود الوطنية لتحسين المستوى الصحي للمواطن في الأردن وتقديم الرعاية الصحية الفضلى له ، فبعد الشراكات الكبيرة التي قام ببنائها الأردن لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية ، وخاصة المتعلقة بتحسين صحة الأمهات وخفض نسبة الوفيات بينهن، يبقى النجاح مرهوناً بتضافر جهود القطاعات الوطنية كافة ، وتكاتفها وتكامل إمكاناتها لإنجاح برامج الصحة الإنجابية .